تكملة رد الفجر:
فخروا وسجدوا له !
تتحدث الأناجيل عن سجود بعض معاصري المسيح له ، ويرون في سجودهم له دليل ألوهيته واستحقاقه للعبادة ، فقد سجد له أب الفتاة النازفة :
Mat 9:18 وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ بِهَذَا إِذَا رَئِيسٌ قَدْ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «إِنَّ ابْنَتِي الآنَ مَاتَتْ لَكِنْ تَعَالَ وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهَا فَتَحْيَا».
كما سجد له الأبرص :
Mat 8:2 وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي».
وسجد له المجوس في طفولته :
Mat 2:11 وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً.
فيما رفض بطرس سجود كرنيليوس له، وقال له :
Act 10:25 وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعاً عَلَى قَدَمَيْهِ.
Act 10:26 فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ».
فقد اعتبر السجود نوعاً من العبادة لا ينبغي إلا لله ، وعليه يرى النصارى في رضا المسيح بالسجود له دليلاً على أنه كان إلهاً.
ولا ريب أن السجود مظهر من مظاهر العبادة ، لكنه لا يعني بالضرورة أن كل سجود عبادة ، فمن السجود ما هو للتبجيل والتعظيم فحسب ، فقد سجد يعقوب وأزواجه وبنيه لعيسو بن إسحاق حين لقائه :
Gen 33:3 وَامَّا هُوَ فَاجْتَازَ قُدَّامَهُمْ وَسَجَدَ الَى الارْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حَتَّى اقْتَرَبَ الَى اخِيهِ.
Gen 33:4 فَرَكَضَ عِيسُو لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. وَبَكَيَا.
Gen 33:5 ثُمَّ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَابْصَرَ النِّسَاءَ وَالاوْلادَ
وَقَالَ: «مَا هَؤُلاءِ مِنْكَ؟» فَقَالَ: «الاوْلادُ الَّذِينَ انْعَمَ
اللهُ بِهِمْ عَلَى عَبْدِكَ».
Gen 33:6 فَاقْتَرَبَتِ الْجَارِيَتَانِ هُمَا وَاوْلادُهُمَا وَسَجَدَتَا
Gen 33:7 ثُمَّ اقْتَرَبَتْ لَيْئَةُ ايْضا وَاوْلادُهَا وَسَجَدُوا وَبَعْدَ ذَلِكَ اقْتَرَبَ يُوسُفُ وَرَاحِيلُ وَسَجَدَا.
كما سجد موسى عليه السلام على حسب ما جاء في الكتاب المقدس لحماه حين جاء من مديان لزيارته :
Exo 18:7 فَخَرَجَ مُوسَى لاسْتِقْبَالِ حَمِيهِ وَسَجَدَ وَقَبَّلَهُ. وَسَالَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ عَنْ سَلامَتِهِ. ثُمَّ دَخَلا الَى الْخَيْمَةِ.
وسجد إخوة يوسف تبجيلاً لا عبادة لأخيهم يوسف :
Gen 42:5 فَاتَى بَنُو اسْرَائِيلَ لِيَشْتَرُوا بَيْنَ الَّذِينَ اتُوا لانَّ الْجُوعَ كَانَ فِي ارْضِ كَنْعَانَ.
Gen 42:6 وَكَانَ يُوسُفُ هُوَ الْمُسَلَّطَ عَلَى الارْضِ وَهُوَ الْبَائِعَ لِكُلِّ شَعْبِ الارْضِ. فَاتَى اخْوَةُ يُوسُفَ وَسَجَدُوا لَهُ بِوُجُوهِهِمْ الَى الارْضِ.
Gen 42:7 وَلَمَّا نَظَرَ يُوسُفُ اخْوَتَهُ عَرَفَهُمْ فَتَنَكَّرَ
لَهُمْ وَتَكَلَّمَ مَعَهُمْ بِجَفَاءٍ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ ايْنَ
جِئْتُمْ؟» فَقَالُوا: «مِنْ ارْضِ كَنْعَانَ لِنَشْتَرِيَ طَعَاما».
واستمرت هذه العادة عند بني إسرائيل :2Ch 24:17 وَبَعْدَ مَوْتِ يَهُويَادَاعَ جَاءَ رُؤَسَاءُ يَهُوذَا وَسَجَدُوا لِلْمَلِكِ. حِينَئِذٍ سَمِعَ الْمَلِكُ لَهُمْ.
فلماذا اعتبر النصارى السجود ليسوع عبادة والسجود لغيره ليس بعبادة ؟!
فهل نستمر في ضرب الأمثلة أم لا يزال سخف العقول ملحًا !
إن سجود العبادة لا يكون إلا لله جل وعلا وهذا ما قاله المسيح بنفسه :
Luk 4:8 فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ».
أما سجود التحية والتعظيم والتبجيل فله شواهد كثيرة في العهد القديم والعهد الجديد ولا يمكننا التحزب ليسوع من أجل أمر فُعل مع كثيرين غيره !
لقد ذكر القمص المشلوح المفضوح " زكريا بطرس " في إحدى حلقات برنامجه المقبوح أن السدي قال في تفسيره
لقيت أم يحيي أم عيسى فقالت إن مافي بطني (يحيى) يسجد لما في بطنك (المسيح) ) . واستدل بهذا النقل على ألوهية المسيح .
وبالنسبة
لما ذكره السدي في روايته التي جاء فيها أن أم يحيى عليه السلام شعرت بأن
ما في بطنها يسجد لما فى بطن مريم أي المسيح عليهم جميعًا أكمل الصلوات
وأتم التسليمات ففيه أمرين :
الأول : أن السدي ليس بحجة وقد اختلف فيه علماء الحديث : فمنهم من وثقه، ومنهم من كذبه ، والأكثرون على ضعفه وكذبه
. ومثل هذا لا ينبغي أخذ الحديث عنه . ولكن قد نأخذ عنه التفسير اللغوي
استئناساً فقط إذا تطابق تفسيره مع تفسير الثقات ، لكن لا نجعله حجة في
دين الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " تفسير آيات أشكلت " (1/167):«وقد
ذَكَر في أول تفسيره ( أى السدي ) أنهأخذه عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن
ابن عباس . وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود . وعن ناس من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم لكن هو ينقله بلفظه ، ويخلط الروايات بعضها ببعض .
وقديكون فيها المرسل، والمسند، ولا يميز بينها ».
الثاني: هو أن السجود هو سجود تبجيل واحترام وتحية , لا عبادة وتأليه للمسجود له , وقد نقلنا نصوصًا عديدة من الكتاب المقدس تُبين ذلك الأمر الذي لا ينكره إلا مماحك , فهذا النوع من السجود ثابت في شرعكم , وقد أبطله النبي صلى الله عليه وسلم , فعن عبد الله بن أبي أوفي قال :
( لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم
, فقال صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا معاذ قال أتيت الشام فوافقتهم
يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك , فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) (أخرجه ابن ماجه في " كتاب النكاح " برقم 1843) .
فلاحظ أيها المستمع أن معاذً رضي الله عنه رأى ما يفعله النصارى في الشام بأساقفتهم وبطارقتهم من سجود وتعظيم لأن هذا شرعهم منذ قديم الأزل !
فلماذا التحزب ليسوع فقط ؟!
ولهذا قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعليقًا على رواية السدي :
" ومعنى السجود ها هنا الخضوع والتسليم , كالسجود عند المواجهة للسلام كما كان في شرع من قبلنا , وكما أمر الله الملائكة بالسجود لأدم " ( قصص الأنبياء ص 493 ) ..
__________________________________________________ ______________
مغفورة لك خطاياك !
ومما يستدل به النصارى على ألوهية المسيح ما نقلته الأناجيل من غفران ذنب المفلوج والخاطئة على يديه ، والمغفرة من خصائص الألوهية ، وعليه فالمسيح إله يغفر الذنوب، فقد قال للخاطئة مريم المجدلية:
Luk 7:48 ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ».
كما قال للمفلوج:
Mat 9:2 وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحاً عَلَى
فِرَاشٍ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «ثِقْ
يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ».
وقد اتهمه اليهود بالتجديف فقالوا:
Mat 9:3 وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: «هَذَا يُجَدِّفُ!»
لكنا إذا رجعنا إلى قصتي الخاطئة والمفلوج فإنا سنرى وبوضوح أن المسيح ليس هو الذي غفر ذنبيهما ، ففي قصة المرأة لما شكّ الناس بالمسيح وكيف قال لها:
" مغفورة خطاياك "، وهو مجرد بشر ، أزال المسيح اللبس ، وأخبر المرأة أن إيمانها بالله هو الذي خلصها ، ويجدر أن ننبه إلى أن المسيح لم يدع أنه هو الذي غفر ذنبها ، بل أخبر أن ذنبها قد غُفر ، والذي غفره بالطبع هو الله تعالى .
والقصة بتمامها كما أوردها كاتب إنجيل لوقا :
Luk 7:47 مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا
الْكَثِيرَةُ لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيراً. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ
قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً».
Luk 7:48 ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ».
Luk 7:49 فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هَذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضاً؟».
Luk 7:50 فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ! اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ».
وكذا في قصة المفلوج لم يدع المسيح أنه الذي يغفر الذنوب ، فقد قال للمفلوج:
" ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك " . فأخبر بتحقق الغفران ، ولم يقل : إنه هو الغافر لها ، ولما أخطأ اليهود ، ودار في خلدهم أنه يجدف ، وبخهم المسيح على الشر الذي في أفكارهم ، وصحح لهم الأمر ، وشرح لهم أن هذا الغفران ليس من فعل نفسه ، بل هو من سلطان الله ، لكن الله أذن له بذلك ، كسائر المعجزات والعجائب التي كان يصنعها ، وقد فهموا منه المراد وزال اللبس من صدورهم :
Mat 9:3 وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: «هَذَا يُجَدِّفُ!» Mat 9:4 فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ فَقَالَ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟
Mat 9:5 أَيُّمَا أَيْسَرُ أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟
Mat 9:6 وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا» - حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»
Mat 9:7 فَقَامَ وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ.
Mat 9:8 فَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللَّهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ سُلْطَاناً مِثْلَ هَذَا.
وقال
بولس الرسول في رسالة كورونثيوس الأولى ان هذا السلطان الذي أعطاه إياه
الله عز وجل سوف يزول في يوم الدينونة ولن يكون موجوداً بعد ذلك
1Co 15:24 وَبَعْدَ ذَلِكَ النِّهَايَةُ مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ لِلَّهِ الآبِ مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ.
ولما كان المسيح لا يملكه من تلقاء نفسه فقد طلب من الله أن يغفر لليهود ، ولو كان يملكه لغفر لهم ولم يطلبه من الله كما في لوقا
Luk 23:34 فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا.
وهذا السلطان دُفع إليه كما دُفع إلى غيره على حسب ما جاء في أناجيلكم :
Luk 10:22 وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي.
وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ الاِبْنُ إِلاَّ الآبُ وَلاَ مَنْ
هُوَ الآبُ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ».
وإلا فهو لا حول له ولا قوة، وقد قال في موضع آخر:
Mat 28:18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ
وقال
السيد المسيح ايضاً ... في صلاته الشهيرة في إنجيل يوحنا الإصحاح السابع
عشر ... وضح فيها السيد المسيح ان كل شئ فعله ... وكل سلطان اعطاه ... وكل
معجزة فعلها ... هي من عند الله عز وجل " الآب " في النص الآتي :
Joh 17:7 وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ
إذاً فهو ليس سلطانه الشخصي ، بل دُفع إليه من الله.
ويحضرني
الأن ما قاله القس الصهيوني " أنيس شورش " في مناظرته مع العلامة ديدات أن
المسيح قال ذلك تواضعًا - أي تواضعًا على الله - ! , فهو بذلك ليس مساويًا
لله في نظر القس بل هو أعظم من الله في نظره !
ولا حول ولا قوة إلا بالله !
إن سلطان غفران الخطايا دُفع أيضاً إلى غير المسيح كما جاء في الكتاب المقدس ، فقد دُفع إلى التلاميذ:
Mat 18:18 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى
الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ
عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ.
Mat 18:19 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ
Mat 18:20 لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ».
لكنه كما لا يخفى على كل عاقل لا يعني ألوهيتهم لأنه ليس حقاً شخصياً لهم ، بل هبة إلهية وُهبت لهم ولمعلمهم المسيح
. هذا ما يذكره الكتاب المقدس , فلقد أصبح بإمكانهم غفران الذنوب التي
تتعلق بحقوقهم الشخصية بل وكل الذنوب والخطايا على حسب ما جاء في كتابكم ،
ومغفرتهم للذنوب الشخصية يقول عنها يسوع:
Mat 6:14 فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ.
Mat 6:15 وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ.
فيما يعطيهم يوحنا صكاً مفتوحاً في غفران أي ذنب وخطيئة، فيقول:
Joh 20:23 مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».
فهم كالمسيح عليه السلام !
وقد ورثت الكنيسة عن بطرس والتلاميذ هذا المجد وهذا السلطان ، فأصبح القسس يغفرون للخاطئين عن طريق الإعتراف أو صكوك الغفران ، واعتمدوا في إقرار ذلك على وراثتهم للسلطان الذي دُفع لبطرس :
Mat 16:18 وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.
Mat 16:19 وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ
فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي
السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً
فِي السَّمَاوَاتِ».
فلو غفر بطرس أو البابا لإنسان خطاياه غُفرت خطيئته من غير أن يقتضي ذلك ألوهيته.
إذاً فالأمر لا يعني بالضرورة أن المسيح يعد إلهًا من أجل إقراره بمغفرة ذنوب الخاطئين , فلقد قال النبي عليه الصلاة والسلام :
" من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " ( متفق عليه )
وقال عليه الصلاة والسلام:
" من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه " ( متفق عليه )
وقال أيضًا:
" من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه " ( متفق عليه )
وقال عليه الصلاة والسلام :
" إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه " ( متفق عليه )
وقال عليه الصلاة والسلام :
"بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغُفر لها به " (متفق عليه)
وقال عليه الصلاة والسلام :
"
للشهيد عند الله ست خصال يُغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة
ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويحلى حلة الإيمان ويزوج من
الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه " ( أخرجه ابن ماجه في كتاب الجهاد برقم 2789 ) .
فلم يُعلم من هذه الأحاديث الصحيحة المتواترة أن محمدًا صلى الله عليه وسلم إله , بل عُلم منها أن الله عز وجل هو مصدر هذه المغفرة وأن النبي عليه الصلاة والسلام ما هو إلا مبلغ عن ربه .
وحسبنا قول المسيح عليه السلام في إنجيل لوقا :
Luk 5:21 فَابْتَدَأَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُفَكِّرُونَ قَائِلِينَ: «مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟»
وهو سؤال استنكاري بمعنى : أنه لا يغفر الذنوب إلا الله وحده .